الحب العذري - قصة حب جبران خليل جبران ومي زيادة ، حبٌّ ام وهمٌّ ؟
قصة
حب جبران خليل جبران مع مي زيادة ، هي قصة حب بالمراسة بين المشرق والمهجر ، جبران
خليل جبران الاديب المعاصر ، الذي اشتهر في بلاد الشرق وفي بلاد الغرب ، فبالاضافة
الى كتاباته في اللغة العربية ، فقد برع باللغة الانكليزية واصدر عدة اعمال بهذه
اللغة جعلته يلقى رواجا" لدى القراء في المهجر .
جبران
خليل جبران الفيلسوف الروحاني ، الذي لم يدع آلام الحياة وقساواتها تقف في طريقه ،
بل كانت هذه العقبات هي التي تدفعه للصعود الى القمة ، كان عاشق وحبيب ، ومن قصص
الحب اللافتة في حياته ، هي قصته مع مي زيادة .
بدأت
هذه القصة بالمراسلة واستمرت مدة عشرون عاما" ، لقاءات على الورق وبين السطور
، ولم تصل هذه العلاقة الى الزواج .
مي
زيادة اديبة من المشرق العربي ، رمز للمرأة القوية ، وكان لها دور بارز في
المطالبة بالمساواة بين المرأة والرجل ، وفي الدفاع عن المرأة وحقوقها ، هذه الفتاة
المثقفة الجميلة كانت محط اهتمام الكثير من الادباء في عصرها ، لكن مي اختارت
الشاعر جبران خليل جبران رفيقا" لقلبها واحساسها .
بداية العلاقة بين جبران خليل جبران و مي زيادة
بدأت
المراسلات بينهما ، عندما قامت مي بإرسال رسالة الى جبران تعبر فيها عن اعجابها بمقالاته
وكتاباته ، كما ألمحت في الرسالة الى الحب والزواج لكن ليس بشكل مباشر ، ومن
الواضح انها اعجبت بشخصية جبران من خلال كتاباته وافكاره ، جبران خليل جبران قام
بالرد على رسالة مي ، ومن بعد ذلك بدأت المراسلات بين الطرفين ، مي زياده كانت
تعيش في القاهره و جبران كان يعيش في الولايات المتحده.
كانت الرسائل في البداية تتضمن الاعجاب لكن بتحفظ وبعد ذلك
تضمنت الرسائل الود والتحرر لكن نظرة الشرق الى العلاقة بين مي و جبران ووصفها
بأنها علاقة حب عذري وعلاقة حب روحي ، لا تمت الى الواقع بصلة ، بالرغم
من ان البعض قد وصف علاقتهما بأنها خيال ووهم جميل لكنه غير موجود في الواقع .
كتاب الشعلة الزرقاء
ان
ابرز الرسائل بين مي وجبران قم تم جمعها في كتاب الشعلة الزرقاء ، وتضمّن الكتاب
37 رسالة اختصرت قصة حب جبران ومي ، هذه المجموعه من الرسائل هي من اجمل كلاسيكيات
المراسلة التي تحمل قيمة ادبية وفكرية وفنية كبيرة و تعبر عن معنى الحب العذري من
الناحية الادبية والكتابية .
تحليل العلاقة بين جبران خليل جبران و مي زيادة
لكن
هذه الرسائل لا تكفي للتأكيد على علاقة الحب الحقيقية بين جبران ومي ، ان جبران
كان اديبا" لامعا" في عصره ، رومانسيا" في طبعه وكتاباته ، وان
اتباع اسلوب الود في رسائله ليس شيئا" غريبا" ولا جديدا" ، بينما
مي زيادة كانت معجبة من البداية بكتاباته وهذا ما دفعها الى المبادرة بمراسلته ،
وحين جاء الرد من جبران بتشجيعها على الاستمرار بمراسلته ، كانت الشعلة في بداية
العلاقة بين الطرفين .
جبران
خليل جبران كان لديه حياته الخاصة و عاش اكثر من احدى عشر قصة حب خلال حياته ،
وخلال قيامه بمراسلة مي زيادة ، هذه الامر يجعل من حبه العذري تجاه مي زيادة
مبالغا" فيه .
فبينما
كان يراسل مي بكلمات الود والاعجاب والحب العذري الادبي ، كان يعيش حياته في
الولايات المتحدة وكانت لديه علاقاته الخاصه بالنساء ، جبران خليل جبران وجد في مي
المرأة الشرقية القوية ، المرأة البريئة التي تعيش في المجتمع الشرقي المحافظ
بينما يعيش هو في مجتمع غربي متحرر ، أحب رومانسيته واحاسيسه داخل رسائله الى مي ،
ولم يفكر ان يتخلى عن طبيعة هذه العلاقة او يغير مسارها الى ما هو اكثر من ذلك ،
ربما وجد فيها ما لم يجده في باقي النساء التي مرت بحياته .
ان
الرسائل التي كتبها جبران خليل جبران ل مي زيادة ممزوجة بالاهتمام والاحساس ، الا
ان هذا الاحساس لم يجعله يفكر باللقاء بمي ، بالرغم من اسفاره المتعددة ، وهذه
يطرح تساؤلا" ، هل تكفي الرسائل العاشق لردع شوقه ، ام ان الحبيب يفكر في كل
لحظة بلقاء محبوبه ، هل اعتبر جبران ان مي هي حبيبته ام صديقته ، ام احب حبها له
؟؟
بالمقابل
نجد ان مي لم تعترف بحبها لجبران خلال مراسلاتهما الا بعد 12 عاما" من
الرسائل المتبادلة ، وهذا الاعتراف الذي جاء بعد مدة طويلة يطرح تساؤلا" ، هل
احبت مي زيادة جبران الاديب والشاعر والفنان ، ام احبت جبران الانسان ؟؟
مي
زيادة عاشت حياة عائلية قاسية ، وبالرغم من ان هناك العديد من الشعراء والادباء
الذين احبوا مي المتمردة ، الا انها لم تجد فيهم ما تبحث عنه ، الا وهو الامان ،
لذلك لجأت الى الحب بين السطور وفي خبايا الكلمات ، لتعبر عما بداخلها وتفصح عن
احساسها ، ووجدت في جبران الأنيس والحبيب والصديق ، وعشقت رومانسية كلماته ، وتميز
عباراته .
بالرغم
من تردد جبران بمشاعره تجاه مي ، الا ان مي وقفت بجانب جبران حتى اللحظة الاخيره
في حياته ، ودعمته في مرضه ، وساندته ولم تتخلى يوما" عنه ، بالرغم من ان
فترة التراسل بينهما سادها فترات من الانقطاع ، الا ان المراسلة كانت تتجدد
دائما" .
علاقة
جبران خليل جبران ومي زيادة أقرب الى الصداقة العميقة ، من الحب العذري ، ربما هي
علاقة فريدة من نوعها لا تندرج تحت اي نوع من المسميات ، من الواضح ان احساس مي
بجبران كان حقيقيا" وكان حبا" ممزوجا" بالاعجاب الشعري والادبي ،
تطور بعد المراسلة الى اعجاب بشخصية جبران ، والى شوق بداخل مي الكاتبة لمعرفة
جبران من الداخل والتعمق في شخصيته وتفكيره ، بينما كانت نظرة جبران الى مي مختلفة
، حبث انها لم ترتبط او تعيش قصص حب بعيدا" عن رسائلها بجبران ، لم يتمسك
جبران بعلاقته الوطيده بمي ، وبكلماته الرقيقه لها ، انما عاش اكثر من قصة حب
بعيدا" عن الورقة والقلم ، تناقضت مع كلماته الشعرية التي يرسلها لمي ، هذا
التناقض جعل عبارة الحب العذري لا تمثل علاقته ب مي زيادة .
x