قصة حقيقية ، عاشت بدون والدتها منذ ان كان عمرها ثلاثة اشهر ، والتقت بها بعد 32 عاما"
ولدت وردة في منزل قريبة والدتها وكانت امها اثناء
ذلك على خلاف دائم مع والدها ، بسبب نمط حياته
حيث كان والدها ابن قرية ميسور الحال يحب
الحياة والسفر والنساء ، وكان دائم التنقل من بلد الى بلد ، لكن هذه الحالة لم
تعجب والدتها واصرت على الطلاق ، وساندتها والدتها اي جدة وردة في ذلك حيث قامت
بتقديم الدعم المادي لها والنفسي والمعنوي ، وحصل الطلاق بين الطرفين بشرط ان تعيش
وردة مع والدها.
قبلت الام بذلك وبدأت حياة جديدة مع شخص جديد
و كذلك الامر بالنسبة لوالدها حيث قام بالزواج مرة جديدة وعاشت وردة مع والدها و
زوجة والدها، وكانت زوجته قاسية عليها ومعاملتها لها تختلف عن معاملة بقية
اولادها.
تمكنت وردة من القراءة والكتابة و ذهبت الى
المدرسة لكن بسبب زوجة ابيها ، لم تكمل دراستها ووصلت الى الصف الرابع الابتدائي.
في تلك الاثناء لم تكن وردة تتمكن من رؤية
والدتها كثيرا" وعندما وصلت لسن الثانية عشر قامت والدتها بالهجرة من البلاد
و سافرت مع زوجها واولادها .
خلال فترة سفر والدتها تم زواج وردة وهي في
سن السادسة عشر ، من شاب قريب للعائلة وانتقلت للعيش معه في المدينة .
في تلك الفترة لم تكن الاتصالات منتشرة وكان
التواصل يتم عن طريق ارسال الرسائل التي تستغرق وقتا" طويلا" للوصول
وخاصه اذا كان التراسل يتم بين بلد واخر.
كانت والدة وردة تراسلها من بلاد اميركا ،
وكل عدد من الاشهر تصل رسالة الى وردة التي كانت تفرح كثيرا" بقراءة هذه
الرسائل التي تشتم بها رائحة والدتها.
وردة كانت تعيش حياة زوجية تقليدية حيث عاشت
في نفس المنزل مع اهل زوجها ، وتحملت مسؤولية المنزل و انجبت عدد من الاطفال
واهتمت بتربيتهم و تعليمهم .
هذه المرأة التي تعيش حالات من الشوق
لوالدتها أعطت كل ما تملك من حب و عطف وحنان لأطفالها .
مرت السنوات والمراسلات ما زالت قائمه بين
ورده و والدتها حتى ان والدتها كانت ترسل لها بعض الهدايا بين الحين والآخر.
وبعد اثنان وثلاثون عاما" من الفراق و
الدموع والحنين والاشتياق عادت والدتها من بلاد الاغتراب.
اثنان وثلاثون عاما" كانت كفيله ان تغير
ملامح الوجوه وتنحت ملامح جديده من النضج والالم والشوق ، تم اللقاء بين الام
والابنه التي عاشت على امل رؤية والدتها طوال فترة الفراق.
هذا اللقاء أيقظ في قلب وردة مشاعر الحنين و
الدموع التي كانت مخبئة على رف الذكريات، عانقت وردة والدتها والدموع تنهمر من
عيونها والسنوات تمضي امامها كإنها البارحة، غصات الألم والحنين تمسك بقلبها ،
والحسرة على الايام التي مرت بدون لقاء وبدون كلام ، لكن القدر هو الاقوى
دائما" ، العزاء الوحيد لوردة هو هذا اللقاء.
عاشت وردة سنوات طويلة من الحرمان لكن عوضها
الله بلقاء ممزوج بالحب والمشاعر ، أنساها نوع ما ماعانته طوال السنوات الماضية من
حزن وبكاء و ألم و شوق.
ان المشاعر التي يعيشها الانسان أقوى منه
والظروف التي تُفرض عليه تكون قاسية ولا ترحم، بعض القصص تكون نهايتها سعيدة بلقاء
بعناق بنسيان وبعض القصص تكون حزينة ونهايتها موجعه ، القرار بنهاية قصتنا ليس
بيدنا
لكن بيد الانسان ان يتعايش مع قصته ويرسمها
بخياله كما يريدها و كما يتخيلها حتى يستطيع التغلب على الصدمه التي تنتج عن
النهاية.